ما الذي يمكن أن تفعله مصر بشكل أكبر لمكافحة انبعاثات الكربون؟
يُقدَّر أن تلوث الهواء يكلف مصر حوالي 47 مليار جنيه سنويًا، وفقًا للبنك الدولي. لمواجهة هذه المشكلة، تقود الحكومة العديد من البرامج للحد من انبعاثات الكربون، بدعم من التمويل التنموي والقطاع الخاص. ومع ذلك، يرى بعض المحللين وأصحاب الأعمال أن هناك حاجة إلى المزيد من الإجراءات، ويقترحون استراتيجية طاقة متجددة أكثر طموحًا، وحوافز مالية لتعزيز الطاقة المتجددة، وفرض قيود على انبعاثات الصناعات الأكثر تلويثًا، واستخدام تقنيات احتجاز الكربون الأنظف.
لا تزال مصر تعتمد على الوقود الأحفوري القائم على الهيدروكربونات. تشكل الطاقة المتجددة حوالي 10% من مزيج الطاقة، وتسعى الحكومة لرفع هذه النسبة إلى 42% بحلول عام 2035. وفقًا لتقرير وكالة الطاقة المتجددة الدولية (IRENA) لعام 2018، من الممكن تقنيًا واقتصاديًا أن تستهدف مصر توليد 53% من طاقتها من مصادر متجددة بحلول عام 2030.
وضعت الحكومة هدف 42% للطاقة المتجددة في عام 2016، وأدخلت الفحم كمصدر رئيسي للطاقة لتقليل الاعتماد على الغاز المستورد بعد أزمات الكهرباء بين 2011-2013. وفقًا لهذه الخطة، من المتوقع أن يشكل الفحم 16% من مزيج الطاقة بحلول عام 2035، بينما تشير رؤية مصر 2030 إلى أن هذه النسبة قد تصل إلى 29% بحلول عام 2030. لكن اليوم، لدينا فائض في إنتاج الكهرباء، حيث تبلغ قدرتنا الإنتاجية 58 جيجاوات، مقارنةً بأقصى طلب يبلغ 30-32 جيجاوات. ووفقًا لدراسة نشرتها مجلة "Euro-Mediterranean Journal for Environmental Integration"، قد يؤدي هذا الاعتماد المفرط على الوقود الأحفوري إلى زيادة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في مصر بنسبة 300% خلال عشر سنوات.
يشير تقرير الوكالة إلى أن إدخال الفحم في مزيج الطاقة يعيق جهود تقليل الانبعاثات، ويوصي بتحديث استراتيجية الطاقة كل عامين لمواكبة التطورات السريعة في التكنولوجيا وتكلفة الطاقة المتجددة.
تُعتبر مصادر الطاقة المتجددة تنافسية للغاية من حيث التكلفة، وهناك بالفعل بعض التدابير لمساعدة الشركات على تقليل التكاليف. على سبيل المثال، لا تدفع شركة "Cairo Solar" رسومًا جمركية على الألواح الشمسية وتدفع تعرفة منخفضة على المحولات، وفقًا للمدير العام حاتم توفيق. وتصل الرسوم الجمركية على معدات إنتاج الطاقة المتجددة إلى 2% فقط، وفقًا لما ذكره المحلل في مركز حلول الطاقة والمناخ محمود أبو النجا. كما أن إلغاء دعم الكهرباء سيكون عنصرًا رئيسيًا لجذب المستثمرين الأجانب.
يقول توفيق إن تمويل المشاريع الشمسية بجميع أحجامها بأسعار فائدة مدعومة سيساعد في تعزيز القطاع. كما يدعو إلى خفض ضريبة القيمة المضافة على الشركات الشمسية إلى 5% بدلًا من 14%، وتوفير المزيد من التمويل — مثل القروض المصرفية والمنح، كصندوق "Egypt PV" وآلية "GEFF" التابعة للبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية (EBRD) — لدعم العملاء الذين يقومون بتركيب أنظمة شمسية.
تحصل مشاريع الطاقة المتجددة الكبيرة عادةً على قروض بفائدة منخفضة، بينما لا تزال المشاريع الصغيرة والمتوسطة تُعتبر عالية المخاطر، وفقًا لأبو النجا، على الرغم من أن تكاليف الطاقة الشمسية والرياح قد انخفضت بشكل كبير خلال العقد الماضي. ويقترح السماح للمشاريع الصغيرة بالتقدم بشكل جماعي للحصول على تمويل منخفض الفائدة.
يعتقد أبو النجا أن المناقشات مع المؤسسات المالية الدولية، مثل البنك الدولي، يجب أن تركز على بناء قدرة شبكة نقل الكهرباء. ويشير إلى أن هذا الاستثمار ضروري لضمان الاستفادة الفعلية من فائض الإنتاج. ويؤكد هايك هارمجارت، المدير العام لمنطقة جنوب وشرق البحر المتوسط بالبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، أن مصر تحقق تقدمًا كبيرًا في هذا المجال، ويتوقع أن تشهد السنوات القادمة المزيد من الاتفاقيات بين القطاع الخاص.
يقول أبو النجا إن الصناعات التي تحتاج إلى تطبيقات أكثر صرامة — مثل الأسمنت والحديد والصلب — لن تحد من انبعاثاتها إلا من خلال سياسات بيئية صارمة. ويُعتبر قطاعا الطاقة والزراعة، إلى جانب التصنيع وإدارة النفايات، من أكبر المساهمين في انبعاثات الكربون في مصر.
يمكن أن يساعد إنشاء تجمعات صناعية بعيدًا عن المدن في تقليل الانبعاثات، حيث يمكن للمرافق أن تشترك في البنية التحتية، وفقًا لأبو النجا. ويقترح تقديم حوافز مثل توفير الأراضي بأسعار منخفضة أو دعم الطاقة، بالإضافة إلى بناء المصانع بالقرب من محطات الطاقة للاستفادة المباشرة من مصادر الطاقة المتجددة.
يمكن للمنتجين الصناعيين تقليل بصمتهم الكربونية من خلال الاستثمار في مشاريع الطاقة المتجددة الضخمة، مثل محطة "الزعفرانة"، وفقًا لهدى إبراهيم، عضو مجلس إدارة المجلس المصري للمباني الخضراء ومستشارة الاستدامة.
يستثمر قطاع النقل في مصر بشكل كبير في شبكات النقل الحضري، لكن لا يزال هناك الكثير الذي يمكن القيام به لتقليل انبعاثات الكربون، وفقًا لهارمجارت. وتشير إلى أن التجارب المدعومة من البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية في مجال النقل الكهربائي والتحول إلى وسائل نقل أكثر استدامة هي خطوات مهمة. لكنها تعتقد أن فرض قيود على انبعاثات النقل ليس الحل الأمثل في الوقت الحالي.
يقول أبو النجا إنه في بعض القطاعات الصناعية، لا يمكن تجنب الانبعاثات تمامًا. فمثلًا، لا يمكن تغيير العملية الكيميائية لإنتاج الأسمنت، حتى عند استخدام الطاقة النظيفة. كما أن مصر لا تزال تبني محطات طاقة تعمل بالغاز الطبيعي، وهي استثمارات طويلة الأجل، مما يعني أن التحول الكامل عن الوقود الأحفوري قد لا يحدث قريبًا.
يُعتبر احتجاز الكربون تقنية واعدة، حيث يمكن استخدام ثاني أكسيد الكربون المحتجز في عمليات صناعية أخرى، مثل تعزيز استخراج النفط أو تصنيع المشروبات الغازية، وفقًا لأبو النجا. ويمكن تزويد المنشآت الصناعية بأجهزة احتجاز الكربون كوسيلة فعالة للحفاظ على الوقود الأحفوري في مزيج الطاقة مع تقليل الانبعاثات.
تُحقق دول مثل الإمارات والمملكة المتحدة والنرويج تقدمًا في تقنيات احتجاز الكربون، لكن هذه التكنولوجيا لا تبدو جزءًا من استراتيجية مصر الحالية، وفقًا لأبو النجا. ويرى هارمجارت أن احتجاز الكربون لا يزال حلًا مكلفًا، في حين أن تقنيات أخرى مثل الطاقة الشمسية والرياح أصبحت ميسورة التكلفة ويمكن أن تلعب دورًا رئيسيًا في خفض الانبعاثات.
عمارة 170 شارع 28 الخامس التجمع، القاهرة الجديدة
كايرو سولر متخصصة بناء محطات للمؤسسات ولا تعمل في التركيبات المنزلية